الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

معطف من قيد 34


خرج حسام من العيادة وهو يحتضن زوجته وابنته ولديه يقين بان الغشاوة التى كانت على عينيه قد انزاحت
وعلى وجهه ابتسامة احتارت زوجته فى تفسيرها وعندما هم بالمغادرة قالت له لقد نسيت معطفك!

نظر لها قليلا ثم قال لا حاجة لى به
فقالت له بدهشة كيف؟ ان البرد شديد ثم وان كان لا حاجة لك به فهل ستتركه هنا؟

صمت قليلا وهو يتذكر انه ليس معطفه ولايحق له ان يتركه......فأخذه  وقرر ان يعيده فى الصباح لناصر صديقه

عندما وصل لمنزله وجد ناصر ينتظره فى مدخل العمارة وهو يحمل معطفه الذى بدله بالخطأ

سأل ناصر عن حالة الصغيرة ثم اخذ معطفه وودع صديقه على امل اللقاء القريب وانصرف.....

ركب سيارته واخذ يدور فى شوارع المدينة ......

ماذا يفعل الان ......لقد مر الوقت مع اصدقاءه سريعا


يالها من لحظات سعادة نادرة سرقها من الحياة.......فقليلة هى اللحظات التى يضحك فيها من قلبه هكذا 


قليلة هى الاوقات التى يكون فيها على طبيعته


يضحك ......يغضب.......يبكى .......يمزح........


كم اشتاق لناصر........كم اشتاق لنفسه التى لم يعد يعرفها.....


هل هذا ناصر الذى كان محط اعجاب الجميع ايام الجامعة!!!!!!!

هل هذا ناصر المفعم بالامال والاحلام!!

تذكر كيف كان شاب مرح ,متفائل,طموح.......


ولنضع العديد من الخطوط الحمراء تحت طموح هذه....


فهو يحلم بان يتم دراسته وان يجد عمل مرموق يتيح له ان يصبح من علية القوم وفى وقت سريع


نعم........ولم لا.


فلديه من المقومات مايتيح له هذا فهو شاب فى مقتبل العمر ذكى ووسيم ولبق وهى مقومات من الممكن ان تحقق الكثير ....لمن يستطيع ان يستغلها......هو فقط يحتاج لفرصة


ولقد اتت هذه الفرصة فى صورة(هدى)


تلك الفتاة الرائعة الجمال والرقة والاهم من ذلك التى تمتلك من الثروة والنفوذ مايتيح له تحقيق كل احلامه ....مع بعض الجهد


وقد كان ....بدء فى محاولات لفت الانتباه وساعدته وسامته ولباقته لابعد الحدود


وماهى هى الا شهور قليلة وكانت هدى متعلقة به جدا..لدرجة انها هى من اقترح عليه ان تعرفه على والدها رجل الاعمال الشهير 


ومرت الاحداث سريعا وتخرج وتقدم لخطبة هدى واستلم عمله فى احدى شركات الاب وتزوجا 


ومع مرورالوقت بدات شخصية زوجته الحبيبة فى الظهور


لم تكن تعامله على انه زوج ......بل على انه قطعة اثرية تمتلكها


غيرة قاتلة.ليست غيرة زوجة محبة ولكنها غيرة تملك فلقد اعتبرته ملك لها ....شئ اشترته باموال ابيها ولا يحق لاى احد  ولا حتى هو نفسه الاعتراض على ذلك


يتذكر جيدا عندما نشبت بينهم مشاجرة من مشاجراتهم العديدة .....استفذته لابعد الحدود لدرجة انه رفع يده عليها ولكنه توقف واحس انه ليس من المفترض ان يضرب زوجته مهما حدث...


خرج من البيت حتى يستطيع ان يتنفس ففوجئ بوالدها يستدعيه للشركة وافهمه بشكل واضح ان ابنته هذه (سته وتاج راسه) وان مستقبله المهنى مرتبط بسعادتها وانه لو اساء لها باى شكل  هيرجعه الشارع تانى


وقتها احس بالخوف .....لا يمكن ان يضحى بكل نجاحه .....واختار ان يكمل مهما كانت المتاعب


ولقد علمت الزوجة بما حدث وشعرت بقوتها وبدأت تزيد من التضيق عليه واعتادت على ان ترفع صوتها عليه ........


ومرت بهم الايام هكذا حتى جاء عيد ميلاده من اسبوع وفىوجئ بها قد احضرت له هذا المعطف هدية
يتذكر جيدا الكلمات التى قالتها وهى تقدم له تلك الهدية(خد ياسيدى علشان بس ماتقعدش تشتكى منى جيبالك هدية عمرك ماحلمت تلبس زيها اهو....انت عارف ده تمنه كام!
يلا بس علشان كل ماتلبسه تفتكرنى وتفتكر النعمة الى انت فيها كل سنة وانت طيب)

اخدت تلك الذكريات تمر بذهنه حتى احس بالتعب وقرر ان يذهب لبيته لينام ويرتاح قليلا قبل ان يذهب لعمله

وما ان وصل البيت حتى فوجئ بها مستيقذة

بصوت جهورى: انت كنت فييييييييييين اكيد كنت بتتسرمح مع واحدة من اياهم....

ثم ازاى اكلمك تقفل السكة فى وشى وتقفل موبايلك كمان

فرد عليها بهدوء انا ماقفلتش السكة فى وشك ولا كلمتك اصلا

قالت:انت كمان هتكدب ده انا متصلة بيك بامارة ماقولتلك يازفت ارجع البيت دلوقتى حالا والا يومك مش هيعدى واديك جيت انت كده مابتجيش الا بالتهزئ

ثم لما انت عاوز تتسرمح مع البنات مش مكسوف على نفسك تلبس البالطو اللى جيبهولك هدية من فلوسى ........صحيح ماعندكش دم

انت مابتنطقش لييييييييه

نظر لها ناصر قليلا ثم قال:عاوزانى ارد.......ادى المعطف بتاعك

                              انتى طالق

وتركها وسط  زهولها وخرج وهو يستنشق نسمات الصباح............


بقلم الرائعه ريماس صاحبة مدونة بنوتة مصرية  
 

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

معطف من القيود 33

تعالت اصوات الضحكات على طاولة الاصدقاء  ... 
مرّ وقت طويل منذ ان اجتمعوا هكذا آخر مره...بعد تخرجهم من الجامعه وتفرقهم بين اعمالهم و زواجهم....لم تعد هناك لقاءات كهذه الا كل عدة شهور...
مع تساقط المطر الغزير في الخارج واكتظاظ المقهى  تناثرت سحب دخان الاراجيل  فوق الرؤوس كضباب كثيف
...ما بين الحديث عن العمل والسيارات والسكرتيرات الجميلات والمديرات المتسلطات ومباراة برشلونه الاخيره و آخر الاخبار   كانت القفشات  والمزحات تخرج بالتبادل فيما بينهم فتتعالى الضحكات   يتبعها رشفه من كاسة شاي او فنجان وقهوه وسحبة ارجيله .

يرن هاتف حسام الخلوي فينظر سريعاً الى شاشته ,يزفر زفرة طويله ويفتح الخط
-خير ؟شو في؟ مش هاين عليكِ تخليني مبسوط ساعه مع اصحابي؟ لازم تتفقديني كل ربع ساعه؟
فيبدأ الاصدقاء بالتعليق....
-ايوه يا حمش...
-أديها....
-بس ما تسوق فيها كتير,آخرتك تروح عالبيت ....
-احفظ خط الرجعه  أحسنلك...

تغيّرت نبرة حسام , خفت صوته وهو يقول...طيب انا جاي بسرعه ...جهزي البنت واجهزي ونص ساعه اكون عندك...واقفل الخط.

-معلش يا جماعه...كان نفسي ابقى معكم اكتر لكن بنتي الصغيره حرارتها مرتفعه من الصبح وهي تعبانه للآن...فلازم اروح اخدها للدكتور...عن أذنكم.
-بنتك مريضه وللا المدام أصدرت الامر بالترويحه هاهاهاهاها؟؟؟
-لا يا جماعه...البنت تعبانه فعلاً  من قبل ما اطلع الصبح من البيت...
-ماشي ..سلامتها كان بودنا تقعد معانا اكتر
-لسه القعده بأولها وما لحقنا نشوفك...
-معلش يا جماعه ...مضطر ...خيرها بغيرها...سلام
-مع السلامه,,,طمنّا عليها لما ترجع من الدكتور.
 -سلام...
تناول حسام معطفه من بين المعاطف المكوّمه على الكرسي الفارغ على طاولتهم وخرج مسرعاً...وضع المعطف على رأسه وركض بسرعه باتجاه سيارته فما زال المطر ينهمر بشكل غزير ...وصل سيارته فارتدى المعطف وجلس خلف المقود ومضى في الطرقات التي تغرق من شدة المطر ...الازمه فظيعه ...والسيارات تتحرك ببطئ وهو منزعج ووجهه مكفهر أكثر من السماء السوداء الملبده بالغيوم وبدأ في الكلام والسباب ولعن حظه السيء الذي نكّدّ عليه وحرمه من مجالسة رفاقه ....

لعن المرض ولعن الزواج ولعن اليوم اللي تزوج فيه ولعن  زوجته التي لا تعرف ان تتحرك خطوتين بدونه ...ولعن نكدها ولعن ازعاجها له  ومطالبها التي لا تنتهي
وابناءها اللذين يمرضون عشرين مره في الشهر...

 فجاءه شعر باهتزاز هاتف نقال في جيب المعطف فتفقد هاتفه ولم يكن هو ...ليس هاتفه!
 ...تحسس جيوبه فوصلت يده الى الهاتف الذي يهتز...نظر اليه وقرأ اسم "هدى" ارتجف للحظه وارتبك...دقق النظر في الهاتف "هدى" هو يعرف هدى ,انها زوجة صديقه ناصر الذي تركه قبل لحظات في المقهى...استغرق بعض الوقت ليكتشف انه قد حمل معطف ناصر بالغلط...كلاهما نفس اللون والطول والموديل -...اووووووووه ما هذه الغلطه الآن!
مستعجل ولا استطيع الالتفاف للعوده الى المقهى لاعادة المعطف لصاحبه....فكر في نفسه ...سآخذ الصغيره للطبيب واعود الى المقهى لاحقا لاعادة المعطف  لناصر واخذ معطفي الذي تركته هناك....
سكن الهاتف خلال هذه اللحظات فوضعه جانباً واخد يمرر يده على المعطف ويتحسس صوفه الكاشميري الناعم...
-شتان ما بين معطفي ومعطف ناصر,كيف لم الحظ الفرق؟, غرق في ملمس المعطف الوثير واخذ يفكر...
ناصر  يا له من محظوظ !!!
 وهبه الله وسامة الشكل وحلاوة اللسان وخفة الدم مما جعل كل بنات الكليه ايام الدراسه  يحاولن التقرب منه وكسب وده .....اما ناصر فقد كان مغرماً بهدى ولا يرى غيرها.
هدى التي كانت حلم كل شباب الكليه في ذلك الوقت لجمالها ورقتها وغناها وصيت عائلتها .......
...هدى تلك الجميله ذات الابتسامه الساحره 
  هدى الرقيقه ذات الصوت الملائكي
 هدى الغنيه ...
....يا له من محظوظ هذا الناصر
لقد ابتسم له الحظ عندما بادلته هدى الحب بالرغم من كونه من عائلة بسيطه فقيره لا وزن لها في ميزان العائلات مقابل وزن عائلة هدى ذات العيار الثقيل!
وفتحت له الدنيا ذراعيها عندما ضغطت هدى على عائلتها ليقبلوا به زوجاً لها ... ومن ثم نال الرضا والسعد عندما حاز على رضا السيد  "والد هدى" ففتحت الشركات ابوابها امامه ليختار ما يناسبه.
يا لك من محظوظ يا ناصر...زوجه جميله ورقيقه و غنيه وعمل ممتاز وبيت في ارقى مناطق المدينه و سياره فخمه  وحفلات وسفرات و...و... 

وازداد انزعاجاً عندما ارتسمت صورة زوجته الشاكيه  دوماً أمامه بجانب صوره هدى الجميله الرقيقه الغنيه ...
وانزعج اكثر عندما تذكر صوت هدى الملائكي الساحر
بالمقارنه مع صوت زوجته العالي الحاد
...وعاد للسباب واللعن فلعن الزواج و لعن زوجته ولعن حظه الاسود و نصيبه **** الذي لم يجعل له زوجه مثل "هدى"
عاد الاهتزاز من جديد واسم هدى يتلألأ على الشاشه...ارتبك مجدداً...هل يرد؟ ام يتركه ؟
سكن الهاتف ....ثم عاد من جديد ...فقرر ان يرد ويشرح الموقف ل "هدى" ويطمأنها على ناصر فلا بد انها قلقه عليه لذلك تلح في الاتصال به! وفي نفسه حيره من صديقه الذي ضبط هاتفه صامتاً!!! كيف يطاوعه قلبه بأن يجعل زوجته الرقيقه ان تقلق عليه هكذا ...ولا يستقبل مكالمتها؟!

فتح الخط وقبل ان ينطق بال آلووو ...جاءه صوت هدى الملائكي الساحر:

-اسمع يا زفت ...لو بتفكر اني مصدقه انك مع اصحابك بتكون غبي ... انا عارفه انك مع سكرتيرتك وما بدك ترد عالموبايل عشان هيك ...
الحق مش عليك يا (تيييييت) 
يا (تيييت )...الحق عليي انا اللي نظفتك  وخليت بابا يشغلك في شغل عمرك ما كنت تحلم فيه يا **** ...عشان تتركني ملطوعه بالبيت و كل يوم تسرح وتمرح مع وحده شكل يا ^%$&) يا *&^%#....يا ... يا زفت ...

يدرك الان سبب الوضع الصامت واخفاء الهاتف في جيب المعطف!
بدون وعي ضغط على زر الاقفال الكامل فصمت الهاتف وتلاشى معه صوت هدى الملائكي المشبع بسيول السباب والشتائم! 

       ******************************************
في عيادة الطبيب خلع المعطف ورماه على ابعد كرسي عنهما ....جلس بجانبها وهو  يتأمل وجهها ... كأنه لم يرها منذ وقت طويل...بشرتها شاحبه عيناها  ذابلتان ....لكنه الان يراها أجمل و أرق من هدى بألف مره...
أمسك يدها واحتضنها بحنان فابتسمت بخجل وهي تعتذر له آسفه عن اضطرارها لسحبه من بين اصدقائه...

-لا تعتذري .....لم  تخطئي الآن... لم تخطئي ابداً.
 
 
بقلم المدونة الرائعه نيسان صاحبة مدونة نيسان
 
 

الاثنين، 7 نوفمبر 2011

معطف الحنين 32




ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، السماء ملبدة بالغيوم تخفي ضوء القمر أو كأن القمر قد رفض الحضور في هذه الليلة متعمدا ، زخات من المطر تنزل من السماء من حين لأخر تنذر بشلالات قادمة ، أمواج البحر تتعاقب تتصادم تتسابق للوصول الي الشاطئ في مرح.
وفي الشالية الصغير المطل علي هذا البحر الهائج أعد لنفسه كوب من الشاي الساخن يبحث فيه عن الدفء ، دخل إلي غرفته يبحث عن معطفه القديم حتي عثر عليه، إرتداه بلهفة محاولا الدخول إلي حنايا الدفء ، نظر إلي نفسه في المرآة وتسمر أمام نفسه وقد شعر بدفء عارم قد إعتراه وحنين جارف قد إحتواه مر بيده علي المعطف وكأنه يلمس أثار يداها وجسدها عليه وتذكر يوم أن أهدته هذا المعطف قالت له باسمة خذ هذا المعطف لقد إرتديته قبلك حتي تتذكر دفء جسدي وهو عليك دائما خرج إلي الممر المؤدي للشاليه تحت المطر العنيف لم يشعر بهذه الزخات القوية، لم يشعر بهذا البرد القارص،فقد كان الدفء في داخله أقوي وأعنف ضم ذراعيه وكأنه يحضنها داخله ظل واقفا حتي إنتبه إلي صوت الرعد يوقظه من حنينه وذكرياته عاد إلي الشاليه مرة أخري وتخلي عن معطفه فقد كان أهون عليه أن تتجمد أطرافه بردا من أن يحترق بنيران الحنين.
بقلم المدون الرائع سندباد صاحب مدونة فكرة

 

الخميس، 3 نوفمبر 2011

وخزة إبرة 31



ظلت سنين طويلة تحتفظ بذلك المعطف ، تتوسده في ليل الصيف ، و تتلحفه في ليل الشتاء ، دون أن تكف بكاء زوجها في جوف الليل ، و وسط النهار ، حتى انحنى ظهرها و ضمر جسمها رغم أنها تقضي أيامها بين أحفاذها في بيت ابنتها !

و في يومِ ما رأت فيما يرى النائم أنها في صحراءِ قفراء جرداء ، و بغتة و ما بين لحظة و أخرى لاح لها نفراً تشكل من لا شئ كلمح البصر ، كان يسير نحوها ، و كلما اقترب منها استطاعت أن تقرء ملامحهُ أكثر ، كان زوجها بشحمه و لحمه ، و قد تغيرت ملامحه و هيئته فعاد شاباً ملتحي بلحية تفيض وقاراً و جمال نورٌ على نور ، كان يشير بيديه نحوها محاولاً محادثتها يحرك بشفاهه دون أن يصلها منه شئ ، و حين يئس من التواصل معها إختفى كما ظهر ، و كأن الأرض انشقت و ابتلعته !

استيقظت من نومها جافلة نافضة البدن و يديها ممدودة بإتجاه السماء ، كأنها تحاول ايقافه !

استعاذت بالله من الشيطان الرجيم ، ثم عادت تستجدي النوم حتى يتجدد الحلم ، و بينما هي تتقلب في فراشها تجتر نشوة ذلك الحلم تجمعت في مخيلتها أحداث حكاية كانت قد حكتها لها أمها في صغرها " إذا جاء الميت في المنام فقد جاء ليصطحب معهُ نفراً . . . ! "

و منذ ساعة ذلك الحلم ظل يشغل بالها ذلك القادم من عالم الأموات ، عساهُ يأتي ، و يقترب ليضع نهاية لعمر غرق بعدهُ بالأسى و لوعة الفراق .

و بعد مرور شهر بالتمام على ذلك الحلم استيقظت على صوت أذان الفجر حيث سمعت للأذان صوتاً مختلف على الرغم من أنها تسمعهُ منذ أكثر من عشرين عام بصوت نفس الشخص ، لكنهُ هذه المرة كان صوتاً قادماً من بعيد ، من جوف الأرض ، من فوق السموات ، و كأنه يرفع لها خصيصا ً ، دب في عروقها الشباب ، فقامت على عجل و توضأت فأحسنت الوضوء ، و صلت فجرها حاضراً و أدتها حقها من الخشوع ، و حال انتهاءها من صلاتها و التسبيح عادت لسريرها و هي لا تزال تتمتم بشهادتين و الإستغفار حيث كان ذلك المعطف مكوماً مكان الوسادة ، فقد كانت منذ بداية الصيف كعادتها في كل صيف تتوسده ، نفضتهُ في الهواء ، و ضمتهُ الى صدرها تنتشي فيه أحضان زوجها ، لتعود إلى عينيها صورته في ذلك الحلم ، و على حين غرة إيقظتها من شرودها وخزة إبرة عالقة في المعطف في صدرها ناحية القلب ، و خلال يومين تقرح الجرح لكونها مريضة بالسكري ، و أصبح غرغرينة ، صالت أبنتها و زوجها بها بين الأطباء التي لم تكف عيونها للحظة عن ذرف الدموع ، و تلاوة الدعوات في وقت السحر و جوف الليل ، لكن الله شاء و قدرهُ غالب ، انتشرت الغرغرينة في سائر جسدها ، و ظلت تتقلب على جمر الألم حتى فاضت روحها، فذهبت النضارة عن وجه ابنتها التي كانت لها الأم و الأب ، و انطفئ بريق عيونها حتى استسلمت للأمر الواقع ، و في لحظة حزن عارم دخلت ألى غرفة والدتها و أخذت بالمعطف و ألقت به من الشباك . 
 
 
بقلم المدونة الجميله حنين نضال صاحبة مدونة أحرف الحنين