الخميس، 28 يوليو 2011

فليسقط القناع 17

                                

ذهب كعادته لينظف الميدان ويبقيه كما تركه بالأمس حتى يشعر كل من يزوره بروعة المصريين وروعة مافعلوا

أخذ ينظف الميدان كعادته مردداً الأغانى الوطنيه التى كان يتغنى بها أيام الثوره والقصائد التى كانوا يرددونها عندما كان فرعون مصر موجود ولا يريد ان يرحل

واثناء انهماكه فى عمله لاحظ هذا الشىء الملقى بعيداً ... ذهب ليرى ما هذا فوجد ذلك المعطف الذى يظهر من شاكلته أنه لأحد الأثرياء اللذين كانوا يشعرون بما يعانيه الفقراء فنزلوا للميدان لينادوا بحياه كريمه لهم

كان يريد أن يعيده الى صاحبته .... فهذا أقل مايمكن أن يقدمه لها فهى لم تنزل الميدان الا لأمثاله من المواطنين الفقراء... ولكن من هى صاحبته ؟ وكيف سيعثر عليها ؟

بعد تفكير طويل وسؤال أشخاص كثيرين بالميدان عن صاحبة المعطف ... لم يفيده أى شخص .... فقرر أن يأخذه لزوجته .... فهى من المؤكد أنها ستفرح به كثيراً

ذهب لزوجته وحكى لها عما حدث وقال لها هذا من حقك فلا نعرف له صاحب .... فرحت كثيراً بهذا المعطف فهى لم ترتدى مثل هذه الأشياء القيمه من قبل .... ولا تتذكر أنها رأت أحد يرتديه من منطقتها فهم أناس بسيطون لا يبحثون الا على لقمة العيش .... لقمة العيش فحسب

احتضنت المعطف وهى فى قمة سعادتها وحاولت أن تجربه عليها .... لكن فرحتها لم تدم طويلاً .... فنسيت أن وزنها الزائد لن يجعلها تستطيع ارتدائه نظرت لزوجها بكثير من الحسره والأسى .... فضحك كثيراً وقال مداعباً لها : كيف غفلت عن هذا ؟ .... هذا المعطف يريد فتاه فى العشرينات .... أما أنتى ...

قاطعته : أما أنا ماذا ؟ ....

ابتسم وقال لها : أما أنتى فأجمل أنثى فى نظرى ..... أنا أمزح معكِ

سكتت ثم قالت له وماذا سنفعل بهذا المعطف

فقال لها : لا أعلم ..... أنا لا أدرى لماذا أخذته ..... فأنا لم أجلب لنفسى الا الحيره

أخذت تفكر ملياً ثم قالت له : أتذكر تلك الفتاه التى سكنت جديداً عندنا .... هذه الفتاه التى دائماً وحيده ولا تتحدث الى أحد ولا يزورها أحد

فرد قائلاً : نعم .... نعم ... أعرفها .... ماذا بها ؟

أتخيل المعطف عليها سيصبح رائعاً .... هذه الفتاه كثيراً ما أشفق عليها وعلى حالها .... ولكننى لا أستطيع التحدث اليها فهى دائماً بمفردها ولا تكلم أحد أبداً .... أتذكر اننى حدثتها مره واحده وكان حديثها مقتضب وكأنها لا تريد التحدث


_ كيف إذاً ستعطيها هذا المعطف ؟

_ لا أعرف ولكن لابد ان هناك طريقه ما .... سأذهب اليها وأعطيها إياه .... ألسنا جيران ولنا حقوق وعلينا واجبات تجاه بعضنا البعض .... لمَ ترفضه إذاً ؟ .... أنا أريد أن أخفف عنها هذه الوحده التى تعانيها ....فكيف لفتاه فى سنها لا يكون لها أصحاب أو أهل .... عجيب أمرها !

_ أخشى أن تحرجك وترفض أو أن تجرحيها أنتى بعطفك هذا

_ لا تخف فإن احرجتنى ... سأشعر أننى فعلت مايمليه على حق الجار

كانت " علا " جالسه على أريكتها تداعب قطتها التى تبقت لها من الماضى تشكو لها همومها وتستمع لها القطه بكل انصات ..... انصات لم تجده عند بشر كثيرين .... تمنت لو تنطق هذه القطه لتخرجها من وحدتها .... على الرغم من أنها تشعر أن القطه تحتويها دون ان تتحدث او تنطق بكلام

دق جرس الباب ... تعجبت علا كثيرا ... هل بابها هذا الذى يدق ؟! ... كيف ؟ ... ومن ؟ ... ولمَ ؟ ... أسئله كثيره جالت بخلدها ... فمنذ أمد طويل لم يزورها أحد

فتحت الباب لترى من بالخارج ... نعم هى تعرف هذه السيده ... فقد رأتها وتحدثت لها من قبل ... ترى ماذا تريد منها
؟ ... غرقت فى صمتها لثوانى ثم تنبهت على صوت السيده تقول لها :

_ أهلاً بك ياآنسه .... أنا جارتك وسبق لى أن تحدثت معكِ ... فهل تسمحين لى بالدخول

_ نعم أتذكرك ... بالطبع تفضلى

_ جلست " سيده " وافتتحت حديثها قائله : أنا اعلم انك جاره جديده لنا فوددت أن أتعرف عليكى ... نحن هنا جميعاً أهل ... فلتعتبرينا أهلك

صمتت " علا " قليلاً فهى تكره البشر ... لا تحب أن تتعامل معهم ... فهى لم تذق منهم الا الجرح ... تكره الوحده نعم ولكنها تكره أكثر البشر وأفعالهم ... لذا تفضل دوماً أن تبقى بعيده ووحيده

ولكن هذه السيده يبدو عليها الطيبه ولم تفعل لها أى شىء سىء فما ذنبها لذا ردت عليها بعد فتره ليست قليله من الصمت قائله هذه الأحرف فقط : بالطبع

شعرت " سيده " بصعوبة مهمتها مع هذه الفتاه التى لا تبتسم ولا تتحدث الا قليلاً وكأنها تخشى على لسانها وفمها من التلف

حاولت تبادل أطراف الحديث معها ولم تعرف عنها سوى اسمها وأنها خريجه لجامعه غريبه لا تستطيع سيده حتى أن تنطق بإسمها .... لا تعرف كيف ستعطيها هذا المعطف ... ولكنها تشجعت وقالت سأقول لها وأياً كان تصرفها فلن أغضب

_ أحد أصدقاء زوجى أهداه هذا المعطف لى ... ولكننى عندما جئت لأرتديه وجدته لا يليق على جسدى كما ترين ... وعندما رأيتك ذات يوم شعرت أن هذا المعطف كأنه صنع لترتديه ... وكأناك أنتى صاحبته الأصليه ... فهل تقبلينه هديه منى ؟

نظرت " علا " للمعطف ملياً ... تلعثمت ... فجمال هذا المعطف لا يقاوم ... لم تشعر بنفسها الا وهى تأخذه من السيده وتشكرها على صنيعها معها

فرحت " سيده " كثيراً لأنها تخلصت من المعطف وكذلك أسعدت هذه الفتاه التى الى الأن لا تعرف حكايتها تركتها تنفرد بالمعطف وذهبت لزوجها لتطمئنه وتحكى له ماحدث


أغلقت "علا " خلفها الباب .... أمسكت بالمعطف ... قامت بارتدائه وأخذت تسير فى خيلاء وزهو بنفسها ... نعم ... كأن هذا المعطف لم يخلق الا لها ... تذكرت وهى ترتديه " علا " القديمه ... علا التى كان الجميع يشير لها بالبناااان ... علا التى كان الجميع يحاول أن يرضيها ويتمنى نظره منها ... علا التى كان أقل معطف من معاطفها أفضل من هذا المعطف بكثييييير

ولكن ... أين ذهب كل هذا ؟ ... باعت كل ملابسها لتستطيع العيش بعد أن ضيع أبيها ثروته على القمار وعلى نزواته ومات بعدها بحسرته ... فهو لم يستطع أن يعيش يوماً واحداً كمواطن فقير ... وهو الذى اعتاد على عيش الأثرياء

لم يتبقى من ملابسها الا هذا البنطال الذى كان عزيزاً عليها لأنه يحمل ذكرى أول لقاء بينها وبين خطيبها ( سابقاً ) ... أخرجت هذا البنطال وارتدته على المعطف وخرجت فى الشارع .... لتسترجع واحده قد نسيتها من قبل

كانت كل خطوه تسيرها تلمح نظرات الاعجاب والهوس فى عيون كل من يراها ... كم افتقدت تلك النظرات منذ أمد بعيد

نعم ... هؤلاء هم البشر يقيمونك حسب ماترتدى وتمتلك ... لا حسب ماتفعل ... فماذا اختلفت علا التى ترتدى البنطال والمعطف اليوم عن علا التى كانت تسير فى الشوارع بملابس عاديه بالأمس ؟

علا هى علا ... كل ماتغير نظرة هؤلاء الناس ... علا البسيطه لم ينظر لها أحد ولم يعيرها أحد أهتماماً أما الأن فهى علا أخرى الجميع ينظر لها ... الجميع ينبهر بها

بينما هى شارده فى تفكيرها وفى حال البشر العجيب وجدت تلك المتسوله تستعطفها أن تعطيها أى شىء ... ضحكت كثيراً فمهما أقسمت لهذه الفتاه أنها لا تمتلك فى جيبها ربع ماتمتلكه هذه الفتاه لن تصدقها " فالبشر دائماً لا يصدقون الا ماتره اعينهم ولا يصدقون الا ظواهر الأمور " ... نظرت للفتاه طويلاً وشعرت أنها لا تفرق عنها أى شىء

فهى الأخرى متسوله ... أخذت معطفاً ليس معطفها لتعيد لنفسها زهو الأيام الماضيه

عادت الى البيت ولامت نفسها كثيراً : كيف قبلت بهذا المعطف وهى التى كانت تعطى دائماً ولا تأخذ ؟

كيف استطاعت يدها أن تمتد لتقبل حسنه أو عطف أو شفقه من أحد تحت مسمى الهديه ؟

ولمَ تهاديها هذه السيده ... هل تربطها بها شىء لتعطيها مثل هذا المعطف ؟

يالله ... يالسخرية القدر ... علا التى كانت تشفق على الأخرين ... جاء اليوم الذى يشفق عليها أخرين

لا ... لا ... هى تكره الاحساس بالمذله والانكسار والعطف ... كان ينبغى لها ألا تقبل بهذا المعطف أياً كان

نظرت للمعطف بكثير من الضيق .... تذكرت ماحدث لها اليوم وكيف كان الناس مبهورين بها ... انبهار مزيف

تذكرت قديماً كل أصدقائها اللذين رحلوا عنها عندما ضاعت ثروتها وثروة أبيها ... تذكرت هذا الحب المزيف الذى كان يضحك به خطيبها علييها لينال من ثروة أبيها وعندما تلاشت الثروه تلاشى معها الحب

تذكرت كل أقاربها اللذين لم يقفوا بجانبها عندما توفى أبيها ... وهم اللذين كانوا يتوددون لهم متمنين نظرة رضا

كم تكره كل البشررررر ... كم تكره زيف المشاعر ... هذا المعطف يذكرها بزيفهم وخداعهم ... كلما سترتديه ستتذكر حب مزيف وتودد كاذب وذكريات مؤلمه

ولماذا الى الأن تحتفظ بهذا البنطال .... هو أيضاً ينبغى الا يوجد فى ملابسها من اليوم ... قامت بتمزيقه وهى تبكى وتردد " عالم مزيف "

وأخذت بالمعطف وذهبت " لسيده " وأعطتها اياه ... وقالت لها " هذا المعطف ليس لى ... اعطيه لمن تستحقه ... أما أنا فلا أريده ... أنا أريد أن أكون نفسى ... وليس أحد غيرى " وتركتها وانصرفت

وأخذت تردد طوال الطريق " أريد أن أكون نفسى ....أريد حب صادق "




                                                   بقلم الكاتبه الرائعه دعاء العطار

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

مصر... ما أحلى الرجوع اليك 16



كانت الأمور تسير على ما يرام ..فقد استطاعت ان تبدأ من جديد
وتحاول ان تجمع شتات امرها..
فما دامت الوحدة اصبحت قرينها ..فلتأخذ من الوحدة انيساً..لتروضها..
لتجعل أيامها مليئة بالأحداث..لتجعل من انتظارها لأولادها
كل أسبوع هدفاً من أهداف سعادتها ..تسعد بهم ومعهم ..
وكان في داخلها حزنٌ يساورهامن حينٍ لآخر ..
لا ..لم تكن أبداًمن هؤلاء الذين يحملون هم الغد ..
فالغد بيد الله سبحانه وتعالى ..يسيره كيفما يشاء..
ولكن كان هذا الحزن يراودها حين تتذكر أختها الكبرى..
التي كانت بالنسبة لها بمثابة الأم أيضاً..
فلم يكن جرس الهاتف يكف عن الرنين في منزلها أو منزل أختها ..
كل أخبارها هناك ..وكل أخبار أختها هنا ..
كانت أيام ..تذكرتها وأطلقت آهة من حنينٍ وأنينٍ مكتوم ..
أين اختها ألآن ..ومن كان يتخيل في يوم من الأيام
أن تقيم أختها هذه في اميركا ..نعم اميركا ..
فلقد سارت بهم السنين وسافرت أختها هي وزوجها مع
ابنهم الوحيد المهاجر لأميركا..
وكان عليهما المكوث معه لفترة ليست بالقصيرة حتى
يحصلا على الجنسية
وتحملت أختها البعد على مضض فلم يكن هناك خيار آخر
واكتفت بمكالمة من أختها كل أسبوع تطمئنها فيها على الجميع هناك
وفي إحدى المكالمات ..لم يأتها صوت أختها ..
ولكن جاء صوت ابن أختها ..ليسر إليها بخبرٍ لم تتوقعه
أخبرها أن والدته مريضة ..والمرض في مراحله الأخيرة لأن والدته
لم تخبرهم بآلامها في أول الأمر ..
ووقع الخبر عليهم كالصاعقة ..وكان القرار :
لابد لها من السفر لرؤية أختها..
وسافرت ..أتظنونها بهرت ؟؟؟
في الأيام الأولى ربما بهرت بالخضرة والبحيرات الصناعية ..
ومنازل كلها على طراز واحد ..
ولكنها ما أن مكثت أيام حتى أصيبت بالملل..فهي من ناحية قلقة جداً
على أختها ..وصعب أن تبث الأمل في نفس إنسان
يعلم مسبقاً ماهو منتظره ..
ومن ناحية أخرى ظهرت أمامها الحياه في أميركا علي وجهها الحقيقي..
فهي حياة متجهمة ..بلا عاطفة ..يوم كله عناء ..كل يعمل لأنه في ساقية
لا ترحم ..وخاصة هؤلاء حاملي الجنسية ..فهم من السهل التضحية بهم
ان كان دولاب العمل في غير حاجة ملحة لهم ..
وبعد العمل عليهم ان يصطحبوا اولادهم يومياً الى الأنشطة المختلفة :
موسيقى -جمباز -لعب كرة بأنواعها ..لأن
هذه الأنشطة لها درجات تراكمية على مدى السنوات تساعدهم عند دخول الجامعة ..
وهكذا تمضي الأيام بهم ..
ومضت الأيام ..وجاءت لحظة السفر ..وأختها في انتظار المجهول ..
وهي لا تقوى على الإنتظارفيكفيها انها ستتلاشى من ذاكرتها كل صور أختها لتبقى هذه الصورة الأخيرة..
وكانت صديقة أختها ترافقها في الأيام الأخيرة لتشتري بعض الهدايا لأولادها وأحفادها..
وكان الجو قد بدأ بلا مقدمات في البرودة والثلج ..
نعم الثلج بما تعنيه الكلمة..
وكانت تضطر إلى وضع المعطف ذو الكاب الذي اعطته إياه صديقة أختهاوهو
من "الووتر بروف"وذلك تفادياًلتلك الأمطار المحملة بالثلوج ..
وجاء موعد السفر.....
ورافقها ابن اختها للمطار ..
واقسمت عليها صديقة أختها أن تأخذذلك المعطف..
وارضاءً لها ارتدته فوق ملابسها ..وغادرت بالسيارة
مع ابن اختها..
وبمجرد أن تحركت السيارة ..خلعت ذلك المعطف
فما هي بحاجة إليه بعد الآن ..
فليس الجو هو الجو ..
وهي عائدة إلى مصر ..
نعم مصر ..حيث الدفء..
والشمس..
وأحضان العيون ..

مع تحيات :زينب صادق

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

معطف من القيود 15

معطف من قيود

تي شيرت وجينز ...وكوتشي

كانا...هو وهي ...يسابقان الزمن...ينهلان من الفرحة...لم يكونا ينطقانها...بل كانت


تنطقها أعينهمافي كل حركة...كل نبضة في قلبيهما تنطق بالفرحة بعد طول

انتظار..كم حلما بهذه الفرحة ...كم انتظراها سنوات وسنوات ..

منذ أن تزوجا منذ أكثر من ثلاثون عاماًوهما ينتظرانها..


مع كل كلمة ماما أو باباتخرج من شفاه صغارهما..

ومع كل خطوة وئيدة يتمنيا معاًأن تكون خطوات وخطوات نحو المستقبل ..

وها هو المستقبل الذي حلما به يتشكل الآن أمام أعينهما وفي قبضة ايديهما...

لقد منّ الله عليهما فتوجت فرحتيهما بزواج البنتين..

وكالعادةينتظر الإبن الصبي دائماًحتى تتزوج أخواته البنات...


ومن نعمة ربه عليه ان أخواته البنات قد تزوجن في سن مناسبة ..

بمجرد أن اكملت كلٍ منهما تعليمها الجامعي وجاءها من ترضاه..ديناً وخلقاً

وبقى الإبن يحلم ببنت الحلال ...ويحلمان معه

حتى وضعها الله في طريقه..إنسانة.. على خلق..من عائلة كريمة..

وتزوجا ...وكانت فرحتهمابه  لاتوصف...

وبدأت الأيام تكشف عن وجهها الآخر....وبدأ تعب السنين يتسلل اليهما رويداً...رويدا

ولاحظت هي من بعيد ...كيف كان يتألم في صمت

وكان يحاول اخفاء ألمه عنها لفرط كبريائه ...فقد كان يعتقد أن المرض نوع

من الضعف..وهو ابداً...ماكان ضعيفاً.

ويبدو ان قلبه كان قد تشبع من الفرقة والوحدة وتعب السنين..


فهو-نسيت أن أقول لكم -كان دائماًعلى سفر...سنوات وسنوات ...وهو لايرى اولاده

وعائلته سوي في أشهر الصيف ..التي عادة ماتمر دون أن يحس فيهابالراحة ...والذي

جرب السفر وترك عائلته لتوفير حياة افضل لأولاده ...يعلم تماماً الضغوط التي يعانيها

خلال الأجازة...ثم في لحظات الوداع ..وما ادراكم ما لحظات الوداع...

فلما جاءت الفرحة .....لم يكن قلبه مؤهلاًلها لتمسح عنه عناء السنين...


ورحل في صمت ...

ورحلت معه كل أسباب الفرحة..

كل فرحة ينقصها شيءٌما..

واصبحت هي وحيدة ..موجوعة ..وان كانت لاتبدي...

حزنها لها... وفرحها لأولادها...

حكاياتها لصورته لا تنتهي ..

وتسأل الله دائماًان يلحقها به في الصالحين ...

ووجدت نفسهافي حاجة إلى ما يشغل فراغها ووحدتها..

فالأولاد كلٌ في بيته ...

وهي منذ زمن قدمت استقالتها ومكثت في المنزل ..

وكانت خطوتها الأولى:لتتعلم الكمبيوتر....

فهي لم تكن تجيدشيئاًعليه سوى ألعاب (السوليتير)أيام أن كان أولادها معها قبل زواجهما

والآن آن الآوان لتتعلم فنونه الأخرى...

ثم شجعتها ابنتها على الذهاب للجيم.. ولطبيب تخسيس ..هي لم تكن سمينة لهذه الدرجة

ولكن يبدو أن ابنتها كانت تريدها أن تمارس حياتها بشكل أ وسع ..لكي تخرج من دائرة

الوحدة والحزن ..خاصة وأن ابنتها تلك كانت تجهز أمورها هي وزوجها على الهجرة

للخارج..أي أنها كانت تعلم ان امها ستزيد وحدة على وحدتها..

وفي عيادة الطبيب ..كانت تظن انها وجدت ضالتها ..كان الطبيب يفتتح عيادة جديدة ويريد أن يدعمها بكل ماهو جديد في عالم الحجز وترتيب مواعيد المرضى.

وكانت فرصتها لتعرض عليه أن تمارس ما تعلمته في دراستها للكمبيوتر ..

ورحب الطبيب...

وذهبت في الموعد المحدد..تحمل في يدها اللاب توب الخاص بها..وترتدي أحدث

ما اشترته من ثياب سوداء-فهي مازالت في سنة الحداد-

ورغم أن الجو كان يميل قليلاًللحرارة...

لكنها كانت تجد أنّه من الأليق أن ترتدي معطفها الصوف الأسود....

ولكي تكتمل الأناقة ارتدت اعلى الأحذية كعباً....

وذهبتْ....

وكانت المفاجأة....

ثلاث فتيات في عمر الزهور ...

في منتهى الرشاقة ....

ترتدي كل منهن :تي شيرت وجينز .....وكوتشي....

ويجلسن أمام شاشات اللاب توب يمارسن الحجز ..

ومعهن شاب يعلمهن من حينٍ لآخر ما يخفى عليهن ....

وتمالكت نفسها قليلاًقبل أن تطلب من احداهن أن

تخبر الطبيب أن فلانة بالخارج ....تنتظر المقابلة...

ومع كل حالة تدلف داخلة أو خارجة من حجرة الكشف..

كانت تتأهب للدخول ...أوتكرر طلبها على السكرتيرة ..ومضى الوقت

وهي على هذا المنوال..

ساعة مضت أم اثنتين أم أكثر.....لم تدرِ

ولكنها في النهاية قررت أن ترحل..فهي في هذه الظروف التي

تمر بها لا تحب أن تتأخر عن العودة للمنزل...

وعادت....

وهي في حالة من اليأس .... والضيق.....

والحرّ...

تحس أنفاسها لاتخرج من صدرها...

وتنبهت إلى هذا المعطف...

نعم هذا المعطف الذي ترتديه ليس حماية من البرد...


لكنه.....لزوم الأناقة ...

وخلعت الحذاء والقته لأبعد ماتستطع يدها ..

ثم خلعت المعطف والقت به

على السرير..

لم تستطع ..أو قل لم ترد أن تعلقه على الشماعة في الدولاب..

كانت في حالة من الرفض لكل مافعلته بنفسهاهذا المساء...

هذا الزمن ليس زمانها ...وهذا الوقت ليس وقت المعطف ولا الكعب العالي..

لكنه زمن التي شيرت ..والجينز ..والكوتشي....

ورمت بنفسهابجوار المعطف....

ثم اجهشت بالبكاء على زوجها ...الذي تركها وحيدة...

واغلقت عيناها الغارقتان في الدموع ..

ثم راحت في نومٍ عميق.


00000 انتهى



بقلم الكاتبه الرائعه و الأم الجميله زيزي

الأحد، 3 يوليو 2011

معطف أمي 14

كلنا نعلم ما للأم من فضل ومكانة وحين نبدأ الحديث عنها لاينتهى ولا نستطيع ان نجزيها العطاء مهما فعلنا
( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا) الاسراء23
( ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن )نعمان 14
واقول عن امى
امى لها فى القلب والعقل منزلــــة ***مكانه ما كل محبوب نالها
اقرب من نفسى وانا وسط غربتى***ترانى اقرب لها من ظلالها
نورت دروبى وانا فى مهدى صبيا**حتى تركتنى واحد من رجالها
فجأة وبدون انذار دنيوى قضيت والدتى وقد ادلجت عنا الى لقاء رب كريم وبعدها زاد من نارنا انا واخوتى الاربعه واصغرنا لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره ، هو فطين وعلى درجة عالية من الذكاء لم يؤت به سواه
ايام الحزن كثيرة ولكن حزننا عليها اكبر، فارقتنا امنا ومن لنا بعد فراقها من تواجد
امى يا كلمة اغلى من كل الكلمات، كانت الشمس المضيئة فى قلوبنالاتغرب ولو حلّ عليها المساء
انتهى العزاء وانتهى معه املنا فى رجوعها لاننا منذ بدء الخليقه لانعلم من امر من تركونا شيئا والعلم عند صاحب الودائع
اجتمعنا لكى نقتسم شرعا ما تركته لنا من الدهر تركته ورحلت خاوية الا من كفنها الذى ليس له جيوبا
وكان لقاء يغلب عليه الحزن ويخيم عليه الكدر:
اخى الأصغر: (باكيا) من يرعانى بعدها؟؟؟
جميع الاخوة( بصوت واحد) يرعاك الله اخى ثم من بعده جميعنا اخى نرعاك كما راعتنا امنا فى حياتها
الاخ الاصغر : وهل تستطيعوا ان تكفونى.. تطعمونى اذا جعت ، وتروونى اذا عشت وتشفونى اذا مرضت ، وتحيونى فى حياتى بعد موتها
لقد سلبت منى الدنيا خير معين وسند لى
احد الاخوة : هل اصابك مكروه اخى ؟؟  ألا تعلم اننا اتفقنا أن يكون الارث كله لك وحدك  من مال وعقارات ماعدا ما يخصها من ملبس فسيكون لنا فيه حق القسمة
اخى الاصغر : أى ثياب تقصدون ؟؟
احد الأخوة: كل ثيابها وبالاخص معطفها التى كانت ترتديه فى ذهابها وايابها، فى نهارها وليلها،فى صيفها وشتائها, فى افراحها واتراحها، ذاك المعطف الذى كانت تحليه بحليها، يحمل ريحها ورياحها، نكاد نراها فيه وبه وجودها الغائب الحاضر، فانه لنا جميعا وسنقتسمه
اخى الاصغر: ياويلى ياويلى كيف تسول لكم انفسكم امرا كهذا ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، والله غالب على امره، فكيف لكم ان تقطعوا اوصاله وتفسدوا هيئته وتدمروا كيانه
احد الاخوة :انهم ياأخى ما قصدوا تمزيق كيانه فاننا لن نمس الكيان ولكن الزمان
اخى الاصغر : لاافهم من كلامكم شيئا ؟؟؟
احد الاخوة :سوف نتقاسم وقته ، وليكن لكل منا شهرا فى وجوده وزمن حضوره
اخى الاصغر : لكم ماشئتم اخوتىوان كنت افضل سائلا ان يكون وديعة عندى الى ان اكبر ، فقد تركتنى امى صغيرا وتركتكم كبارا واحب ان تكون معى فى وجوده
احد الاخوة :موافقون ولكن بشرط  ان لاتطمع فيه محبتك، ويطغى عليك مودته 
اخى الاصغر : اوافق ولكن كونوا لى مصدقين فانتم لن تكونى لى بمؤمنين ولو كنت صادقا
( ومر الزمان واصبح اخى استاذا بكلية زراعة اسيوط ولم نسترد الوديعة  بل استوطنت داخل حقيبته شأن روب المحاماة الذى لايغادر حقائبهم يكاد اخى ان يرتديه وهو داخلا مكتب عميد كليته او خلال محاضراته، ولا يخاف على شيئا بداخلها خوفه على معطف امه مهما كان بداخلها ثمينا او نفيسا


بقلم الكاتب الكبير فاروق فهمي