الاثنين، 9 أبريل 2012

معطف الذكريات (39)



معطف الذكريات 39 



وقفت مني امام دولاب ملابسهم وهي تضع الملابس الصيفية وتخرج الملابس الشتوية  وتوقفت يدها علي معطف كريمي اللون ناعم
غامت عينيها بالدموع وهي تضم المعطف الي صدرها وهي تتذكر
فلاش باك
 " مني"  قبل عامين
كانت تسير علي الشاطيء برغم جو الشتاء البارد فهي تعشق الشتاء وتعشق البحر في الشتاء
وقفت في مواجهة البحر وأخذت تتأمله  وهي تدندن  اغنية فيروزية للبحر
تنظر  حولها ...لا يوجد ناس  كثيرة علي البحر ....فقط عشاق متناثرون هنا وهناك
تبتسم.....تتمني ان تكون مثلهم
تسير مرة اخري علي غير هدي وهي تنظر الي الارض تعد خطواتها كما كانت تفعل وهي طفلة
ثم.....تصطدم بشخص ما ..... و...." محمد"
اخيرا قابلته وحده ....بعيدا عن العمل ودوشته....بعيدا عن الاصدقاء وتساؤلاتهم
يتحدثان ....يسيران
يأكلان الآيس كريم تحت المطر الخفيف المتساقط
يتبلل شعرها ويلتصق بجبهتهها  
الشتاء والجو البارد.....لكنها لا تشعر بالبرد  فدفء حديثهما  يكفيها
تتذكر يوم أن سار بعيدا بعيدا علي الشاطيء  يأكلان الآيس كريم  تحت المطر ولكن المطر أبي ان يكون لطيفا ككل يوم  وهبت رياح قوية  وذاد المطر وأصبح يهطل بغزارة ...ووقفا معا تحت احدي المظلات علي الشاطيء وهي ترتجف  من البلل والبرد
اما هو .....
فخلع معطفه الانيق ذو اللون الكريمي الناعم والبسه لها  وهي تعترض قائلة " كدة هتاخد برد  "
" مش مهم  انا ....المهم انت "
هو واسع علي فكرة ممكن ياخد حد تاني معاك...
احمر وجهها لتلميحه...
وضع غطاء الرأس  علي رأسها وهو يبعد خصلات شعرها الملتصقة بجبينها ويضم المعطف عليها ليحميها من البرد ....
كم كان رقيقا ومحبا وقتها
وقتها شعرت بدفء الموقف  لا بدفء المعطف
شعرت بحرارة جسده مازالت في المعطف  تدفئها
كم كان رقيقا ومحبا وقتها

فلاش باك قبل عام

" مني اية رأيك نروح نتغدي ف كنتاكي  اهو تغيير وكمان عشان تتمشي شوية عشان الحمل  مش الدكتور قالك اتمشي ...؟
" بس يا حبيبي الجو برد ...؟ "
" تقلي هدومك والبسي البالطو  ...وبعدين لما تتمشي هتحسي بالدفا ..."
في كنتاكي  وقفت معه وهو يطلب الوجبة .... ورجعت بذاكرتها الي ايام الخطوبة والزواج الاولي  عندما كان يسألها تحبي تاكلي إية واختاري انت يا حبيبتي والحب كان مالي حياتهم ......و
" مني .....إية سرحانة في اية بقولك خدي البالطو بتاعي عشان اعرف اشيل الوجبة ونطلع فوق..."
حملت المعطف  وسارت خلفه بخطوات متثاقلة
جلست علي المقعد امامه ووضعت البالطو علي ساقيها فهي برغم المكيف في المكان تشعر بالبرد 
كانت تأكل وهي صامته ....غير ذات شعور
تسرح فيما مضي ......و ...
" مني " البالطوا ع الارض يا هانم انت عارفة البالطو ده بكام ......؟    "
* * * * *
فلاش باك
قبل ثلاث أشهر
كانوا خارجين من عند طبيب الاطفال  تحمل هي " بسمة " ابنتهم   وهو يسير امامها  و...
" محمد  هات البالطو الجو برد ع البنت ...."
واخذت البالطو  منه  وقالت له "خد البنت  كدة "
واعطته  الصغيرة  ثم اخذت ترتدي المعطف ...و...
" اية ده يا مني انت هتلبسي البالطو....المفروض انك تغطي بيه " بسمة " مش تلبسيه  يا هانم ...."
صدمت لكلماته  وقالت وهي علي حافة البكاء " علي فكرة يا محمد انا كنت هلبس البالطو واخد بسمة ف حضني عشان تدفي كويس وانت عارف ان البالطو كبير وياخدنا احنا الاتنين ...."

فلاش باك
عودة للواقع
 تجلس علي الأرض تضم البالطو  الي صدرها وعينها مغرقة بالدموع .... ....و
" مني  انا عايز الـــ.................... "
ووقف امام دموعها صامتا وهو ينظر للمعطف ....و....
؟؟؟؟؟
في الصباح بعدما تركت بسمه مع  والدتها لتذهب لعملها  قررت ان تتسكع قليلا علي البحر  لعلها تنسي ...او تتذكر تلك الايام الجميلة التي كان فيها هو  يعشقها ولا ينسي ان يهديها وردة كل صباح قائلا صباح الحب ...تتساءل لما دوما يقولون ان الحب يموت بعد الزواج....
كانت تتمني ان يزيد الحب لا ان يموت ....كان عندها أمل .....
سارت بتثاقل علي البحر ....تري العشاق هنا  وهناك 
تبتسم  وتتساءل ... هل سيكون مصيرهم كمصيرها يوما  بعد الزواج ...
غام الجو ...واصبح منذرا بسقوط المطر ..........وهبت رياح قوية باردة  وشعرت بالبرد وتذكرت انها خرجت بدون معطفها  .......وتهكمت ...ماذا يفعل المعطف اذا كان داخلها متجمدا ....
وطفرت الدموع من عينيها وهي تتذكر ان عمر زواجهم هو عامان ....
وامطرت السماء كأنها تشاركها البكاء ...
وتبللت واصبحت تشعر بالبرد القارس ...فلفت ذراعيها حول كتفيها طلبا للدفء و...
" حبيبتي .....حد برضه ينزل ف الجو ده  من غير بالطو....."
كان هو بمعطفة ذو اللون الكريمي الناعم .....يضمه علي جسدها النحيل ويضع غطاء الرأس علي رأسها ويبعد خصلاتها الناعمة الملتصقة بجبينها  وهو يقبلها قائلا " أنا آسف ....."
يمسح دموعها المتساقطة  ويضمها الي صدره الدافيء ويقول " وحشتيني ....."
ترتاح علي صدره ولا يهمها انها علي البحر والناس حولهم ...ولا يهمها المطر المتساقط ...
فقط تشعر بدفء حبها قد عاد
بسبب معطف كريمي اللون ناعم

بقلم الكاتبة المبدعة / رحاب صالح

هناك 4 تعليقات:

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

تشرفت بقراءة القصة بمدونة رحاب وفعلا تناولتها باسلوب عميق وفكرة جديدة

احسنت رحاب
وشكرا لك سيف المدونين

بارك الله فيكم
تحياتى وتقديرى

شمس النهار يقول...

انا قريتها هناك
وعلقت
هي قصة اكتر من رائعة

EMA يقول...

حلوى جدااااااااا

و أحلى حاجة ان كان فيه بارقة امل فى النهاية و ما قلبتش غم هههههههه ..عجبتني جدا

تسلم ايديكي رحوبة

رحاب صالح يقول...

مساء البنفسج
والله بجد انا اللي سعيدة بانضمامي لكم
وبجد مكنتش متوقعة ان القصة تعجبكم
ومبسوطة بجد
بكل كلمة اتقالت لي
وانضمامي للمعطف بجد اعطاني امل وافادني كتير واضاف لي مش انا اللي اضفت ليه
كفاية ان كتب فيه مبدعين انا اقل منهم بكثير
شكرا لكل من قرأ وكتب تعليق وشكرا لكل منقرأ ولم يكتب ايضا
مساؤكم بلون البنفسج