الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

قيد من حنان 18


ظهرت علامات التعجب على ملامح( سيدة) عندما اعطتها (علا )المعطف وتساءلت في نفسها لماذا عدت الي ايها المعطف الغريب؟ ربما تود البقاء معي
دخلت غرفتها وضعت المعطف على جسدها البدين وحاولت ان  تحلم بانها امرأة اخرى
حلمت بزوجها مازال في شبابه مازال يلاطفها حلمت انها تتمشى معه على كورنيش النيل يراقبان العشاق بابتسامة حالمة
لكنها ما لبثت ان استيقظت من الحلم وحين حاولت ان تضع المعطف بدولابها وجدت عباءة كان قد اهداها لها زوجها منذ بداية زواجهما عباءة لها مذاق خاص في حياتها اخرجت العباءة واشتمت رائحتها واستنشقت عبيرها كمن يستنشق الذكريات يملأ بها صدره حينها وجدت نفسها ترمي بالمعطف بعيدا وتضع العباءة بحرص واعتناء شديدين في الدولاب مرة اخرى
اخذت المعطف وذهبت لابنها ماهر الذي لم يكن ماهرا الا في اصطياد الفتيات فبالرغم من ان والديه طيبين الا انه قد يخرج من ظهر العابد فاسق
طلبت سيدة من ماهر ان يأخذ المعطف ويتبرع به لاحدى الجمعيات الخيرية لعل هذا المعطف عندما عاد كان يريد الله خيرا لهم وان يكسبوا ثوابا من ورائه
بينما كان لماهر خطة اخرى بدأت عقلية ماهر المرعبة تحيك ابغض المؤامرات على وجه الارض مؤامرة وضع الفخاخ
ربما كانت والدته تريد ثوابا من وراء هذا المعطف لكنها اعطت المعطف لمن لا يعرف قيمة الثواب
اخذ ماهر المعطف وخرج انتظر (جميلة) ذات الستة عشر عاما عند باب خروجها من المدرسة 
كانت جميلة جميلة بحق كان اسمى على مسمى بل انها كانت تجسيد لمعنى الاسم او الاسم تجسيدا لها عيناها الجميلتان فيهما حلم طفولة مازال يداعب القلب فتعكسه العيون 
كانت تعرف ماهر فهو دوما ينتظرها كانت لا تعرف ان كان صادقا ام كاذبا لم تسأل والدتها عنه فوالدتها لم تكن صديقتها قبل اليوم
كان والديها دوما ينسيان ان البنات كالماء ان قبضت عليه انساب من بين اصابعك وتساقط على الارض ووطأته الاقدام وان بسطت يدك ايضا سقط ووطأته الاقدام فعليك ان تحمله بحرص وعناية شديدة حتى توصله الى مكان آمن
كان الوالدين لا يعلمان عن ذلك شيئا وخوفهما على جميلة التي لم تكمل عامها السادس عشر حتى ظهرت على ملامحها نضج مبكر وجمال وحيوية شباب يسلب العقول خوفهما كان يحثهما على معاملتها بقسوة وحرمانها من اشياء كثيرة دون ان تعرف جميلة لماذا
كل هذا ادى بجميلة للبحث عن متنفس
والمتنفس كان في ماهر
وماهر كان ماهرا حقا في فهم شخصية جميلة  وعرف كيف يغزو قلبها ويسلب روحها دون ان تشعر
ربما سألت نفسها يوما هل تحبه؟
فكانت الاجابة انها لم تجرب من قبل او تشعر بمعنى كلمة حب لذلك هي مبهمة لديها
 لكن احساسها بأنها مراهقة يحثها على اقناع نفسها بانها تحبه فمن حصيلة فهمها لكل الافلام والمسلسلات ينتج ان المراهقة سبة و انت مراهق  تعادل انت ابله ولن تسمح لنفسها ان يصفها احد بالمراهقة هي كبرت و عرفت معنى الحب ومعناه هو ان ينتظرها ماهر يوميا على باب المدرسة يلقي عليها وابلا من الكلام المعسول
الا انه في ذلك اليوم اعطاها هدية ثمينة
معطف لا تلبسه الا الحسناوات معطف لا يعرف قيمته الا الناضجين معطف ربما يطير بسنين عمرها عشرة اعوام فتصبح هي مالكة امرها بعيدة عن تحكمات والديها
معطف فيه الخلاص من عبودية الاوامر
كان المعطف بجماله الآخاذ يسلب ناظريها ويخلع قلبها اليوم ستتمرد على قيود افكار الابوين اليوم ستقفز عشر سنوات ستصبح مالكة امرها 
من فرط ذلك الاعجاب بالمعطف وتفكيرها في انه حل لكل مشكلات حياتها لم تسمع ماهر وهو يخبرها انه سيأتي اليها غدا بعد ان يكون قد قام بتجهيز المكان الملائم ليتم الزواج العرفي
زواج عرفي  ؟ هل كبرت لتلك الدرجة كلمة الزواج التي تؤرق خواطر كل البنات اصبحت اليوم في متناولها  كان من الممكن لكلمة عرفي ان تعكر مزاجها لكن البعض في القنوات الفضائية يقولون انه حلال اذا هو زواج صحيح اذا هو كسر للقيد الذي عاشته ستة عشر عاما
ارتدت المعطف و مشت في طريقها للمنزل وهي تمثل على نفسها قبل ان تمثل امام الناس انها انثى في الخامسة والعشرين خبأت يونيفورم المدرسة بالمعطف تمايلت  عاشت كأنها فاتنة
ماذا ستقول لوالديها من اين حصلت على هذ المعطف؟ لا يهم فقط الاهم ان تحيا لحظات انها اقوى من القيد
وبينما هي تسير  بخيلاء انثى في منتصف العشرينات اعترض طريقها بعض الشباب  شباب ليس له عمل في تلك الدنيا الا ان يؤرقوا حياة الفتيات
بدأت الكلمات والمعاكسات تترامى على اذنيها بدا الغزل
كانت تتمنى في الماضي ان تصبح مثارا للغزل والفتنة امام الجميع لكن حين جربت ذلك الشعور احست بضيق شديد ورعب وخوف عارمين
لذلك اسرعت قليلا وبدات تجري في خطوتها والملاحقات مستمرة والرعب مستمر
حينها فقط شعرت ان ذلك المعطف يكبل قدميها ويمنعاها من الوصول الى منزلها حيث الامان ويلقي بها في طريق هؤلاء الشباب  وهي لا تشعر بالامان لقد ذهب رونق ذلك المعطف ولم يبق منه غير الالم
خلعت المعطف سريعا والقته في جانب الطريق  واسرعت نحو المنزل  حينها رن هاتفها المحمول
انه ماهر
اقفلت الخط واخرجت شريحة الموبايل وقذفتها بعيدا
وحين عادت للمنزل ارتمت في احضان امها هاتفة كم احبك يا اماه
تعجبت الام لم تكن صديقة لابنتها قط واستغربت ذلك العناق ولكنها فهمت ان ابنتها تحتاج الى بعض الحنان اليوم فوطدت العناق وفوجئت بجميلة تحكي لها عن كل ما حدث في يومها دون حتى ان تسألها
امسكت الام بيد ابنتها وقادتها الى المطبخ قائلة
- اتعرفين ما الفارق بين كل سيدة واخرى في الطهو ولماذا لكل منهم نكهة خاصة يستطيع المقربون معرفتها؟ انه شيء يسمى النفس
والنفس كبصمة اليد يختلف بين انثى وأخرى كل ما على الام ان تشرح لابنتها خطوات أخذ النفس بينما على البنت الابداع في كيفية تنفيذ تلك الخطوات لتنجح الطبخة
النفس يجب ان يؤخذ بعمق فيصل الى اعماقك يلامس مبادئك واعرافك يداعب خصالك وصفاتك كي يصبح بصمتك انتي فقولي لي كيف وانتي واضعة معطف ثقيل يجثم على صدرك يضيق عليكي الانفاس كيف لذلك النفس ان يعبر عنك كيف يصل لاعماقك بالتاكيد فان الطبخة ستفسد ولن يصبح لها طعم الابداع
بنيتي ربما اخطأت حين ظننت انك ما زلتي صغيرة من الصعب  ان تتعلم لكنني اعدك ان اعلمك كثيرا عن مواجهة الحياة
استمعت جميلة لامها بانبهار
هذه اول مرة والدتها تكلمها بتلك الطريقة شعرت حينها فقط ان سنوات عمرها قفزت اكثر من عشرة اعوام في الساعة الماضية لكنها بالرغم من ذلك لم تمنع نفسها ان تحيا حياة طفلة ترتمي مرة اخرى في احضان امها ففي ذلك الحضن فقد تشعر بالامان حتى وان كان قيدا.
 
 
بقلم الكاتب الرائع مصطفى سيف

هناك 5 تعليقات:

شمس النهار يقول...

تسلم ايدك يامصطفي
دايما بتعجبني فلسفتك في قصصك
بتكتبها بطريقة محببه فيها يسر وسلاسة

hend anwar يقول...

جمييييييلة تسلم

رحلتنا في الحياة يقول...

جميلة تسلم ايديك

غير معرف يقول...

ثقافة الهزيمة .. مغامرات البقرة الضاحكة

ما قصة لوسي أرتين؟
ـ لوسي أرتين كانت علي علاقة بالرئيس مبارك والعلاقة بدأت عن طريق زكريا عزمي وجمال عبدالعزيز، و كان فيه رجل أعمال مشهور بيحب يعرف مبارك علي فتيات من دول شرق أوروبا وحسين سالم كان متولي دول غرب أوروبا.

هل قصر الرئاسة كان يدار بهذه الطريقة؟
- القصر كان يدار بالسفالة والأسافين والنقار والقمار والنسوان وقلة الأدب ودا كل اللي كان شغلهم ومصلحة البلد بعدين .

هي سوزان كانت بتحس بالغلط اللي كان بيعمله الرئيس؟
- هي كانت مقهورة من اللي بتشوفه والنسوان داخلة طالعة قدامها واللي جايين من أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية ومش قادرة تتكلم وبتبكي علي طول بسبب اللي بتشوفه وأحيانا كنت بأصبرها وأقولها مصر مافيهاش غير سيدة أولي واحدة، بس بعدها قرر الرئيس أن ينقل جلساته الخاصة في شرم الشيخ وبرج العرب .

ھل تزوج علیھا؟
-لا ھو مش محتاج یتجوز .. البركة في زكریا عزمي وجمال عبدالعزیز. ...

باقى المقال ضمن مجموعة مقالات ثقافة الهزيمة ( بقلم غريب المنسى ) بالرابط التالى

www.ouregypt.us

دعاء يقول...

قصة جميلة بل رائعة !
كم أحببت أن أقرأها و أتمنى لو كان معي وقت لأقرأها مجددا !

كل التقدير و الاحترام
تحيآتي ...
تسرني متابعتك لمدونتي !
http://thusmylife.blogspot.com/