مشى صابر فوق كوبرى قصر النيل لقد كان يرتعد من البرد فجاة وجد حقيبة بها معطف حريمى فرك عينيه هل كان يحلم اذا هى حقيقة كيف يجد معطف و هو يرتعش من البرد كأن السماء احست به و انزلته هل يرتديه و كيف يرتديه و هو معطف حريمى لو مشى به لتعرض لسخرية و ضحك من يراه تغلب البرد القارص على تفكيره وارتداه دون ان يشعر واتجه بجسمه الى ميدان التحرير ينظر الى الموجودين داخله بكل حسرة يود ان يتواجد بجانبهم يود ان يحتضنهم يريد ان يصرخ باعلى صوته فى وسطهم يريد ان يقول لهم انه مصرى و يقف امام الظلم الذى هو اول ضحاياه و لكنه لا يستطيع الدخول اليهم فهو يحمل بطاقة هوية بانه ينتمى للشرطة لكنه بالفعل لم ينتمى الى شىء طوال حياته هو نشأ فى اسرة فقيرة تقيم على حدود احدى القرى الصغيرة با الصعيد والده يعمل فى صناعة اقفاص الجريد صناعة يدوية فنية مرهقة ذات عائد مادى محدود لم يدخل الى المدرسة قط فهو فى اسرة كبيرة العدد تحت خط الفقر فهو لا يتناول اللحم الا لو تذكرهم احد من ابناء القرية فى عيد الاضحى و فى الغالب لا يتذكرونهم فهم على حدود القرية يقيمون على ارض بجوار الترعة الصغيرة التى تخترق القرية تعود على الشعور بالضألة يجلس على اطراف البلدة يمشى امامه الفتيان و الفتيات دون ان يشعروا به لم يلفت نظر احد قط ليلقى عليه مجرد السلام تعود على عدم الاهتمام وتعايش معه صارت الوحدة خليله فهو لا يعرف غيرها و عندما وصل الى سن التجنيد فرح فرحا عميقا اخيرا سيرى وجوها غير الوجوه و سيعامل كبشر و سيرتدى الزى العسكرى بدلا من الجلباب الرث فرح عندما علم انه سيذهب الى الشرطة فالشرطة ارتبطت فى ذهنه بالسلطة ركب السيارة النقل مع زملائه الى معسكر الامن المركزى بالطريق الصحراوى بزهو لكنه لم يكن يتصور انه سيصبح مجرد كائن حى مثل الكلب البلدى الذى يستخدم للحراسة تنقله من مكان الى اخر و قد تقيده مجرد شكل قطعة شطرنج من العسكر تنقلها كما شئت و تضحى بها متى شئت دون ان تحزن فهو ليس بطابية او فيل او حتى حصان ليصبح له و لو قيمة يسيرة هو مجرد دمية تحمل كل صباح بسيارة نقل اشبه بسيارات نقل الخيول بل سيارات الخيول افضل منها لا يعرف الى اين يذهب يجلس بداخل السيارة تحت الشمس الحارقة يقف امام مجموعة من الشباب يحملون لافتات هو عاجز عن فهمها قد تصدر الاوامر له بضربهم لكنه يعجز عن رفض الامر او حتى فهم سبب ضربهم نشأت عشرة بينه و بين البعض حفظ وجوههم لكنهم عاجزون عن حفظ وجهه هو بالنسبة لهم اشبه بالتمثال تعودوا على شكله بملابسه العسكرية والخوذة فوق راسه لكنه يريد ان يصرخ بانه بشر يريد ان يعامل كانه انسان المرة الوحيدة التى احس فيها بادميته يوم المظاهرة الكبرى يوم هوجمت سيارة الشرطة و احترقت وجد بعض الشباب يطلبون منه خلع ملابسه لاول مرة يشعر بادميته وان هناك من يخاف عليه يساعدونه حتى لا يتعرف على هويته احد احس بسعادة غريبة رغم الخوف لاول مرة يشعر بادميته تخلص من كل قيود الرق يوم خلصوه من ملابسه التى طالما حلم بها
بدء الجوع يتسرب الى داخله و يتمنى لو دخل الى الميدان ليتقاسم معهم اللقيمات و يهتف من داخل اعماقه انا انسان انا حر من حقى ان يشعر بى الجميع من حقى ان اتنفس ان اعشق من حقى ان احلم فانا مصرى طوال حياتى لم احلم لان الحلم رفاهية لمن مثلى الحلم هو سياط تجلد ظهرى عند صحوتى على كابوس الواقع الغارق به كأنه بحيرة من المياه العفنة الراكدة من حقى ان افهم ان اقرا ان البس ان اكل
تساقطت دموعه كحبات الملح و تنأثرت على المعطف لاول مرة يبكى تذكر انه رغم ما مر به فى حياته القصيرة لم يبكى لم يكن من حقه حتى البكاء على حاله فمن فى مثل حاله ليس له سوى الصبر و الجلد فالبكاء رفاهية اخرى تضاف الى رفاهية الحلم نظر الى المعطف خلعه من على جسمه لكنه لم يشعر بالبرد بل شعر بالدفء يجرى فى اوصاله تركه بمكانه اخرج بطاقة الشرطة والقاها بالنيل و جرى الى ميدان التحرير لاول مرة يشعر انه بشر مثله مثل الاخرين حر يشعر بمصريته يصرخ يتقدم الصفوف لقد ترقى و اصبح العسكرى وزيرا .
بقلم ابراهيم رزق
بدء الجوع يتسرب الى داخله و يتمنى لو دخل الى الميدان ليتقاسم معهم اللقيمات و يهتف من داخل اعماقه انا انسان انا حر من حقى ان يشعر بى الجميع من حقى ان اتنفس ان اعشق من حقى ان احلم فانا مصرى طوال حياتى لم احلم لان الحلم رفاهية لمن مثلى الحلم هو سياط تجلد ظهرى عند صحوتى على كابوس الواقع الغارق به كأنه بحيرة من المياه العفنة الراكدة من حقى ان افهم ان اقرا ان البس ان اكل
تساقطت دموعه كحبات الملح و تنأثرت على المعطف لاول مرة يبكى تذكر انه رغم ما مر به فى حياته القصيرة لم يبكى لم يكن من حقه حتى البكاء على حاله فمن فى مثل حاله ليس له سوى الصبر و الجلد فالبكاء رفاهية اخرى تضاف الى رفاهية الحلم نظر الى المعطف خلعه من على جسمه لكنه لم يشعر بالبرد بل شعر بالدفء يجرى فى اوصاله تركه بمكانه اخرج بطاقة الشرطة والقاها بالنيل و جرى الى ميدان التحرير لاول مرة يشعر انه بشر مثله مثل الاخرين حر يشعر بمصريته يصرخ يتقدم الصفوف لقد ترقى و اصبح العسكرى وزيرا .
بقلم ابراهيم رزق
هناك 5 تعليقات:
القصه في هذا الجزء لمستني جداً فهذا النوع من الكتابه الواقعيه و الغوص في النفس البشريه يستهويني لأبعد الحدود و حضرتك جعلتني أرى صابر الذي مرّ بنا كثيراً و كأنه تمثال فعلاً وصفك دقيق فعساكر الأمن كلهم واحد بالنسبه لنا و مشاعره فاقت الروعه, عجبني أيضاً وصفك للبكاء بأنه رفاهيه تضاف لرفاهية الحلم...حقيقه مؤلمه.
تحياتي لك و لقلمك المبدع
رووعه وواقعيه جدآ
متابعه لكم
السلام عليكم
لكل منكم طابع واسلوب جميل فى تناول المعطف
مصطفى وشيرين والاخ ابراهيم
احييكم جدا على هذه الفكرة الرائعة
لكنه يريد ان يصرخ بانه بشر يريد ان يعامل كانه انسان المرة الوحيدة التى احس فيها بادميته يوم المظاهرة الكبرى.....
رائع هذا الشعور والاحساس كانت ايام جميلة لكل انسان مصرى حر
شكرا لك وتحياتى
واتابع بكل اهتمام
بعد التحية لشخصك وقلمك المبدع جميل جدا هذا الرسم لشخصية صابر بكل تفصيلاتها وعظيم ان يكون صابر كرمز لكل جنود الامن المركزى بالماساه التى كانوا يعيشونها محورا لعملك الادبى مزيد من الابداع ان شاء الله
إرسال تعليق