الثلاثاء، 17 مايو 2011

ألم أمل و أمل ألم 6

 استيقظت امل على صوت اذان الفجر لقد تعودت على الاستيقاظ فجرا ليس لاداء الصلاة  التى طالما تمنت ان تؤديها و لكنها لم تتمكن من تعلمها او حتى طلب منها اى فرد اداء الصلاة قامت من على فراشها المتهالك بجوار امها و اخوتها و امسكت احدى صفائح السمن الكبيرة الفارغة و ذهبت الى الصنبور الرئيسى الموجود فى اخر الشارع غسلتها جيدا و ملئتها بالماء حملتها فوق راسها و رجعت الى منزلها الذى هو عبارة عن احدى الغرف الصغيرة من شقة بها حوالى عشر غرف بمنزل قديم متهالك كان عبارة عن اسطبل للخيول بحمام قديم مشترك بباب خشبى متهالك ملىء بالثقوب لا تستطيع الاستحمام بقليل من الحرية الا فى هذا الموعد وضعت الصفيحة على موقد غازى صغير و مع غليان الماء بدات ذكرياتها فى الغليان نظرت فى المرايا  المكسورة على الحائط المتهالك دون ان تتبين ملامح وجهها هى لم تتعدى الخامسة عشر لا تتذكر انها عاشت طفولة فهى  منذ كان عمرها ثلاث اعوام  و ربما قبل ذلك و هى بصحبة امها  فى الشارع التى تبيع المناديل مجرد اكسسوار تستخدمه امها لتجلب مزيدا من العطف و عندما بلغت سن السادسة  استقلت عن امها و بدات فى بيع المناديل بنفسها و فى المساء تمسك بعض الورود و الفل تبيعه للعاشقين على كورنيش النيل تأكل من استدرار عطف الناس بشرائهم المناديل و تتحايل على العشاق و تدعو لهم  و تتملق  المحب لاهداء حبيته عقد فل او وردة اما ايام الرخاء بالنسبة لها فهى يوم مباريات الكرة لمنتخب مصر لانها تبيع اعلام مصر ترفعها و تلوح بها بسعادة فهى مصدر رزقها و اكلها الذى تنتمى اليه و تسعى و تكد من اجله
اما اباها فلا تعلم عنه شىء يعمل ماسح احذية لا يزورهم الا على فترات متقطعة اذا كان فى حاجة لبعض الاموال لزوجته الثانية حملت صفيحة الماء الى الحمام و القت الماء فوق جسمها كانها تتطهر من ذكريات متسخة لا دخل لها بها نظرت الى عباءتها السوداء المنشورة على احدى الحبال كانها تنظر الى ماضيها القتها على جسمها و خرجت لتسعى من اجل رزقها 

مشت امل الى التحرير بخطوات سريعة تسبق خيوط الشمس التى تشرق مع الفجر فجاة وجدت  معطفا ملقى على الارض امسكت به و تلمسته نعم هى تعرفه طالما شاهدته و لكن من خلف زجاج سيارة شاهدته مرة و هو يستنكر وجودها و يستنكر ان تاكل و تشرب و شاهدته مرة اخرى و هو يعطف عليها و يمد لها يد المساعدة لكن ايضا من خلف هذا الزجاج و فى الحالتين شاهدته كسرعة البرق مشاهد خاطفة لكن لكثرة هذه المشاهد تجمعت تحولت الى فيلم سينمائى بائس يحكى اغلب مشاهد حياتها طبعا هى لم تحلم بمثل هذا المعطف ابدا او تحلم ان ترتديه لكن احلامها كانت ابسط من ذلك بكثير جدا ربما حلمت بسرير فى غرفة منفصلة بحمام منفصل ربما حلمت بسقف للغرفة يقيهم من المطر ربما زاد حلمها و حلمت بوردة من يد عاشق من الذين تبيع لهم الورود طوال حياتها عاشت تمسك الورود و قد تزبل فى يدها من طوال مدة مسكها لها و ترجع ببعض الورود الزابلة الى حجرتها تلقيها على الارض او فى القمامة و لكنها ابدا لم تمسك مثل هذه الوردة تمنت ان تحتضنها و تضعها فى صندوقها الورقى الذى تحفظ به بعض الاشياء التى تتخيل انها هامة كزجاجة عطر تركيب و تليفون محمول متهالك و فرشاة شعر و اصبع من احمر شفايف متواضع و خاتم ذهبى صغير اشترته من اموال جمعية اشتركت فيها مع اصدقائها

فرضت الشمس خيوطها و ازاح النهار الليل امسكت امل بالمعطف و لبسته فوق العباءة و بدات فى بيع المناديل و لكنها وجدت عيونا لم تراها فى حياتها من قبل عيونا تسخر منها و من منظرها و هى ترتدى المعطف الثمين فوق العباءة اشتدت الشمس فوق راسها و لم تبع حتى علبة واحدة من المناديل الكل يسخر منها و يضحك عليها كلما شاهدها و هى ترتدى المعطف على العباءة اشتد عليها الجوع  و اسدل الليل ستائره عليها نزلت دموعها مع ستائره من شدة الجوع احست بثقل المعطف على كتفيها كأن الجميع يستكثر عليها هدية السماء احست انها تغرق بداخله لا تستطيع التنفس تكاد ترتمى على الارض من شدة الجوع القت المعطف على الارض و ذهبت بخطوات متعبة الى المشتل و عادت الى التحرير امسكت بالفل و الورد تبيعه للعاشقين و تلاشى املها فى الحلم حتى بوردة العاشق.

هناك 5 تعليقات:

Unknown يقول...

بقلم الرائع إبراهيم رزق
أحسنت يا أستاذ إبراهيم
أرق تحية ليك

مصطفى سيف الدين يقول...

استاذ ابراهيم
ابدعت في ذلك الجزء حتى في استخدام الاسماء
الالم الذي ولد الحلم والحلم الذي قتله الالم
روعة

كريمة سندي يقول...

مبارك المدونة الجديدة والأسلوب الشيق للطرح

بوح القلم يقول...

سبحان الله دائماً هم الناس يستكثروا ان يروا على الفقير شيء جديد

قصه معبره بحق

دمتي بخير

ابراهيم رزق يقول...

شكرا لتعليقاتكم جميعا

تحياتى و تقديرى